“حكايات عم شلبي”.. تأليف حسن خلف حسين
الحلقة الأولى
عم “شلبي” .. ذلك الرجل صاحب الثمانين ربيعا
دائم الإبتسامة الحلوة، فيها براءة الطفل الذي شاخ عمره قبل الأوان بزمان، إذا ضحك
يفتح فمه بالمواربة وحياء خشية أن يكتشف أحد الفم الفارغ من الأسنان إلا أربعة
منها تم توزيعها بشكلٍ عشوائي في الفكين، عيناه تنوب عن الأسنان تغلق وتفتح منتهية
بدموع طيبة تعبر عن حالتي السعادة والحزن على حد سواء، طويل القامة عريض المنكبين
يحاول أثناء سيره ألا ينكفئ مقاوماً الزمن وآثاره وحكم السنين الطويلة.
قرأ في حياته آلاف الكتب المتنوعة فهو للقراءة شغوف حتي
الحين، لديه مخزون ثقافي فوق العادي، ما جعله إذا حكي لك – وهو الحكّاء – لا يتوقف عن
سرد الأحداث المتلاحقة في عقله والماضي، لذا لن يتوقف إلا إذا أجهز عليك ونمت بين
يديه، سفرياته التي تخطت العشرين دولة حول العالم شرق وغرب وشمال وجنوب بحكم عمله
قرابة الأربعين عامًا في البحار والمحيطات في مختلف الأعمال البحرية فوق السفن
جعلته دون أن يدري متفوقًا في أدب الرحلات مع إجادة المقارنة بين الدول فى الأحداث والمواقف المشابهة.
إتفقت مع هذا الرجل الودود أن يقص علىّ بعض ما عنده كي
أستفيد وأتعلم منه الكثير، وقد تجرأت بقولي شرطًا للإصغاء إليه أن يرحمني متخذًا
فواصل حتي لا أموت منه أو علي الأقل أنام أثناء شلالات السرد المنهمر.
كانت البداية طيبة مريحة لي عند بداية حديثه المؤلم عن
نكسة عام67 والثماني أعوام التي قضاها جندي مجند وترقي الي رقيب مجند، وكان ضمن
فريق حراسة القادة العسكريين حينها منهم الفريق الراحل أحمد إسماعيل علي واللواء
عبد الغني الجمسي، يتوقف عم شلبي عن الكلام والدموع تغلبه فتنهمر رغمًا عنه ويقول
في نحيب:
الطياريين الإسرائيليين ولاد الكلاب كانوا يطوفون حولنا
وقت انسحابنا المخزي ويقتربون من رؤوسنا ضاحكين بسخرية محركين أصابع أيديهم الوسطي
ونحن نجري أمامهم مثل الفئران الشاردة المذعورة بينما قادتي الذين كنت أحرسهم
هربوا وتركونا، ثم يأتي أحدهم في حوار تليفزيوني أنه لم يترك الميدان وقت الإنسحاب
إلا بعد الاطمئنان على الجنود المنسحبة.
يقف عم شلبي صارخًا ويقول:
– كان نفسي أكون جنبه وهو بيحكي عشان اقوله: “وربنا
انت كذاب وضلالي”، وكمان اديله قلمين على خلقته.
إتخنق عم شلبي ثم أجهش بالبكاء المر.. ويكمل في نحيب:
– ظل دم زميلي الله يرحمه علي بنطلوني لمدة 13 يوما متجمدا، ولم أستطع النوم كلما أتذكر شكله وأبكي زي الطفل وأصرخ في عز النوم (بكاء مرير) ثم
أردف يقول بتأثر شديد:
– الحالة دى كانت تجيلى حتى بعد ما اتجوزت مراتي الله
يرحمها وكانت تهديني وتقولي:
مفيش حاجة يا شلبي، وتطبطب عليا وتجيب لي ميه أشرب وارجع انام، الله يرحمها ست أميرة عمري ما زعلتها ولا رفعت إيدي عليها، كنت أعاملها
بالحسنى الله يرحمها، كنا ساكنين في المنطقة الرابعة و….
(غلبني النوم ولم يبالي عم شلبي بحالي مما جعلني أطلب
منه الرحمة ونتقابل تانى، إلا أنه ظل يكمل حتى أسرعت الخطي واختفيت).
وإلى اللقاء فى الحلقة الثانية.
![]() |
الكاتب والروائى حسن خلف |
نبذة عن السيرة الذاتية للمؤلف/ حسن خلف حسين:
* كاتب روائي ومسرحي، من مواليد بورسعيد 1958.
* حاصل على بكالوريوس تجارة (شعبة المحاسبة)، جامعة قناة
السويس عام 1980.
* دبلوم دراسات عليا في التسويق عام 1985.
* دبلوم دراسات عليا في أساليب علوم الحاسب الآلى عام 1989.
* عضو اتحاد كتاب مصر.
* عضو الإتحاد الدولي للشعراء والأدباء العرب.
* كاتب في مجلة النيل والفرات والمشرف على صفحة بعنوان
“كاتب وكتاب”.
* عضو لجنة تحكيم مسابقة (فارس الإبداع بالوطن العربي).
* عضو نادي أدب بورسعيد.
* رئيس لجنة التوثيق في ملتقي عباس احمد المسرحي.
* كاتب في صحيفة الجمهورية الإليكترونية.
* كاتب في مجلة النجوم العراقية.
* حاصل عَلِي منحة التفرغ من وزارة الثقافة ثلاثة أعوام
متتالية.
صدر له الروايات:
1 – “زبدة وجبنة وعجوة” (الجزء الاول).
2 – “زبدة وجبنة وعجوة” (الجزء الثاني)
بعنوان: ” الرحيل عن الروح”.
3 – “أحمق ملك روحي”.
4 – “روح وريح الجنوب”.
5 – “ثرثرة أنجبت بعثرة”.
6 – “امرأة من بارود”.
7 – “فردة بيادة معطرة بالدم”.
8 – “كوكب بيداسون“.
9 – “رُد كلبي”.
10 – (وصال الروح) الجزء الثالث من “زبدة وجبنة
وعجوة”.
11 – (أنين الروح ) الجزء الرابع من “زبدة وجبنة
وعجوة”.
12 – رواية “حكاية كُشكً في قلب مدينة” تحت
الطبع.
المسرحيات:
1 – “نونو والعرش”.
2 – “فردة بيادة معطرة بالدم”.
3 – “نواوينا”.
4 – “كوكب بيداسوون”.
5 – “كلبي دليلى”.
6 – “قبائل كاكاهونا”.
7 – “نشأة بورسعيد” تحت الطبع.
8 – إخوان إيزيس “تحت الطبع“.
للتواصل مع الكاتب:
الإيميل: hassan.khalf@gmail.com
الموبايل: 00201017684443