فن

محمد مزروع يكتب: حفلة مانيكان.. العبث والسياسة

 حفلة مانيكان يقيمها المخرج عمرو عجمي علي
خشبة قصر ثقافة بورسعيد.


بقلم
– محمد مزروع

بآخر عروض الشرائح بالثقافة الجماهيرية،
قدمت فرقة قصر ثقافة بورسعيد

ثالث عرض لمسرحية حفلة مانيكان، للكاتب
البولندي/ بورنو ياشينسكي، وإخراج عمرو عجمي، وتنتهي أخر أيامها يوم الأربعاء
القادم.

ترمي قصة الرواية الأصليه للصراع بين نظامى الرأسمالية
والإشتراكية، والذي تنبأ فيه المؤلف باستمرار الرأسمالية وسقوط الإشتراكية المتمثلة
في الفكر الشيوعى، ربما لمولد وحياة المؤلف ببيئة شيوعية، ومعاناته كمواطن لدولة أوربية
شرقية كانت تتبع النظام الشيوعي.

وبنفس الوقت يمقت نظام الرأسمالية المتحكم
بطبقات الشعب العاملة، وهي الترس الرئيسي في عجلة الإنتاج والنهضة، ولكن معدومي
الحقوق ومهمشين، والمستفيد الوحيد هم الطبقة البرجوازية أصحاب رؤس الأموال.

تحكي الحدوتة عن مجموعة تماثيل لعرض الأزياء
(مانيكانات) بأحد معارض الأزياء، يتحولون ليلاَ بعد إغلاق المعرض – وبعبثية فكاهية
– لدمي متحركة يتراقصون ويتحدثون ويحلمون بأن يتحرروا من حالة الجمود والدمي لحالة
الحركة كما الإنسان، ويتمنون أن يعيشوا حياة البشر ويتخلصوا من ازدراء الإنسان وعبوديته
لهم.

ويصادف وجود إنسان مخمور بالمعرض ويحاول
التحرش جنسياَ بأحدي المانيكانات، وهذا المخمور شخصية سياسية بارزة بالمجتمع وله
سطوه ونفوذ كعضو بمجلس النواب.

لكن الدمي الراقصة لا تعرف حساسية المناصب
ولا سطوة السياسة، ولا حتي قوة المال، فيقررون القصاص لزميلتهم الدمية، فتقام
محاكمة داخل المعرض وتقضي بقطع رقبة السياسي جراء تحرشه بزميلتهم وينفذ الحكم.
وتكون الرأس المقطوعة من نصيب أحدهم والذي ينتهزها فرصة لتحقيق حلمه ليتحول لإنسان.

وبالفعل يقوم بتركيب الرأس البشري علي جسده
كمانيكان ولكن يصبح كآلة متحركة بلا تفكير أو وعى، فحركته مجرد حركة آلية إيمائية
ولكن برأس متكلم.

وقبل مغادرته المعرض يسمع ضجيج وحركة غير اعتيادية
بالمشغل أسفل المعرض، فيدخل عليهم ليجد بعض العمال بعمل دؤب ليلاَ دون علم أصحاب
العمل، فيرهبون جانبه ويصرحون أنهم يعملون ليلاَ ليعوضوا ما ينهبه منهم أصحاب
العمل وهضم لحقوقهم بمخالفة للقانون، وأن من شجعهم هو خياط قديم أصيب بالعمي ولكنه
متمرد علي أصحاب رؤوس الأموال، ليقابل المانيكان الخياط الأعمي في أجمل المشاهد الإنسانية
المعبرة بين الدمية والخياط البشري، ويعرفه الخياط الأعمي ويذكره بمقابله سابقة
بينهما وموقف انساني حدث من قبل، لتعلن الدمية دعمها له وللعمال المسلوبة حقوقهم.

فيما بعد يذهب المانيكان لحفل راقص كمدعو من
أحد الرأسماليين، والذي دعاه لاستغلال نفوذه لصالحه، وبالحفل يوجد منافس آخر
رأسمالى أيضاَ يريد الإستحواذ علي السياسي لنفس السبب وأيضا للقضاء علي منافسه، والإثنان
يستعملان أسلوباَ رخيصا لاستمالة السياسي، فأحدهم يستخدم زوجته للإيقاع به، والآخر
يستخدم إبنته لنفس السبب، مما يوضح رخص الأسلوب البشري مقابل المصالح.

ويرفض السياسي الدمية هذا الأسلوب ليكشر الرأسماليون
عن أنيابهم، وتتهمه الزوجة اللعوب بالتحرش بها، ويتفق معها منافس زوجها وإبنته
ويشهدوا زورا علي الدمية، في دلالة على انحطاط وشراسة النظام الرأسمالى فيمن يقف
ضد مصالحه.

وتقوم حركة تمرد من العمال ضد أصحاب العمل
والذين يطالبون السياسي بالتدخل أو أعتقال المتمردين أو حتي استعمال العنف ضدهم،
وعندما رفض يتكالبون عليه للقضاء عليه لنري مشهدا مؤثرا يكره فيه المانيكان صورته
البشرية، ويتمني عودته كمانيكان مرة أخري.

 عمرو عجمي:

نجح عمرو عجمي بتقديم لنا عرض للإمتاع، سهل
ومبسط رغم أنه يحمل فكر سياسي، فمزج الفكاهه والعبثية بالفكرة المطروحة سياسية
ليستغيثها المتلقي بكل سلاسة، وأكثر ما نجح فيه عمرو عجمي أنه دمج نفسه ككريوجرافي
ومخرج مسرحي، ولكن لم يتطرق للإستعراض الراقص، لكنه استخدم مهارته بتصميم أداء
حركي متناغم مع حركة الدمي لتكون شخوص تمثيلية بأداء حركي لا أستعراضي راقص والفرق
بينهما كبير، ساعده في ذلك أن الشخوص عبارة عن مانيكانات لهم حركات إيمائية معبرة
ومعادلة ومساعدة للأداء التمثيلي.

وأكثر ما نجح به عمرو عجمي المخرج هو تحويل
الممثلين لمؤديين أداء حركي والعكس، فلا يفرق الناظر المتلقي إن كان الممثل مؤدي
حركي أم ممثل مشخص لدور.

ونجح عمرو عجمي باختيار كوكبة من الممثلين
لأداء الأدوار البشرية، كاختيارة للفنان المتمكن المسرحي القدير:

 – السيد زكي .. بدور الخياط الأعمي الذي صدر لنا
حالة إنسانية موجعة ومؤثرة بأداء راقي جدا، رغم أن طبيعه السيد زكي المسرحية هي
الكوميديا.

فنري السيد زكي بعبقريته يتلون بانتقاء
أدواره ليثري أي عمل مسرحى يتواجد به.

السيد زكي

كذلك الفنان القدير:

محمد التفاهني:

بأدائه وحسه الفكاهى الراقى، بدور الرأسمالى
الحاقد الذي أداه بسلاسله دون تكلف أو تصنع، لينزع الضحك والأعجاب من المشاهد.

– الفنان الشاب كريم الصفتي:

صاحب الأدوار التلفزيونية والمسرحية .. فنان
بنكهة الفواكه الموسمية، لا تشبع منه ولا تمل، بل تشتاق أكثر لأدائه، ومهما زاد
أشتقت أكثر وأكثر، فعينك ترتاح لرؤيته يمثل وكأنك تشاهد بطلاَ سينمائيا مجسداَ
عالمسرح.

جايدا الجباس الرقيقة

بدور الزوجة اللعوب، والدكتورة جايدا ممثلة
متمرسة تحمل ملامح نجمات السينما، ولكنها عاشقة للمسرح تؤدي وكأنها فراشه تتعقبها
عين المشاهد، فلا تملها من بساطة الأداء والإجادة.

سليمان رضوان:

ممثل بدرجة ممتاز، يجيد استخدام تكويناته
الجسدية وتعبيراته الإنفعالية، وإكسسواراته ليخرج أداءه مكتمل.

– الفنانة الشابة شروق عباس: ممثلة شابة
متمكنة، وتجيد لعبة التمثيل المسرحي ولها مستقبل واعد.

أما مسك الختام وفاكهة العرض المسرحي:

الممثل المبدع الواعد – مصطفي فراج

يملك هذا الممثل طاقة تمثيلية مؤهلة لتمثيل
الأدوار الإنسانية ببراعة، فأدي  فيجو دور
السياسي ونفس الدور كمانيكان، فأقنعنا بحالته البشرية وأجاد بدور المانيكان
المتحول فأقنعنا بموهبته، وخاصة بالمشاهد التي يشخص فيها الحس البشري بجسد مانيكان،
فانتزع التصفيق من أكف المشاهدين.

(مجموعة ممثلي الدمي) وأعتذر عن عدم ذكر الأسماء:

كنتم ولا أروع ولا أجمل، وأجمل مشاهد بالعرض
هي مشاهدكم من الإفتتاحية وحتي نهاية العرض، متضامنين مع مجموعه ممثلي العمال
الخياطين.

ونعود للمخرج عمرو عجمي واختياره للديكورات
بجميع المشاهد، فنجح باختيار ديكورات المعرض ومفرداته، ونجح بديكورات المشغل
وبعدها ديكورات الحفل الراقص بفيلا الرأسمالي، متضافرة مع الإضاءة، فشكل حالة
سينوغرافية مريحة للمشاهد، وكذا استخدامه للديكور المزدوج وهو أحد عناصر المسرح
المعاصر.

– شكرا لمجموعة العمل كاملة من ممثلين وأداء
حركي وجميع عناصر العرض من فنيين وإدارة مسرح.

– شكرا عمرو عجمي.

حفلة مانيكان: بطولة (أسماء جمال ، جنى
اسلام ، أحمد صالح ، هنا محمد ، احمد حلاوة، محمد عمرو ، محمد رشاد ، نور شريف ،
بسملة أحمد، عبد الرحمن السوريكى ، سلمى مسعد ، أسماء المغربى ، روفيدا صبرى ،
بسمة مجاهد ، أحمد كمال ، أفنان خالد ، مازن الصواف ، محمد غزال ، مصطفى غريب ،
أية الغول ، معاذ حجازى ، أحمد القماش ، محمد هانى، ريم البندارى ، بلال محمد سعد
، رامى قطورجى ، مصطفى فراج ، محمد العربى).

* تصميم ديكور محمد الأسمر ، تنفيذ ديكور “مجدى
نجم ، خالد شعبان”، تصميم إضاءة تدريب: مصطفى غريب، ملابس ومكياج: خلود ابو
العينين، إعداد: أحمد آدم، تصميم بوستر: مازن محسن، مساعد إخراج: “محمد عبد
السلام، بلال محمد سعد”، صوت: “محمد مدبولى ، محمد دويدار”، شئون
هندسية: جمال سعيد، إضاءة: عماد إبراهيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى