“حكايات عم شلبي”.. تأليف حسن خلف حسين
الحلقة الرابعة
الضغط على النفس لتغيير واقع لم يحن وقت تغييره هو وقت مهدور ومهلكة
للنفس .. فتذكر أن لطف الله يجرى وعبده لايدرى.
أصبح عم شلبي جزءًا هامًا فى حياتى اليومية، بالفعل
استطاع بقدرة روحية خفية أن يسيطر على روحى وعقلى، إستأذنته أن أكتب ما يحكيه وأنشره
إن استطعت، رد بأدبه وتواضعه بالموافقة بل تحمس وزاد قائلًا:
– ده يوم الهنا يا صاحبى الحبيب، واعلم أن كل
كلمة أقولها لك هي الصدق نفسه، أكتب ولا يهمك.
(عشت في دور الكاتب وقلت له):
– هل ممكن نرتب الأحداث حتي يظهر العمل بشكل روائي
متناسق.
أجاب بالنفي:
– دى مشكلتك يا غزال، أنا اقول اللي يخطر على
بالى وانت بقلمك تعيش مع نفسك، وعندي شرط إنك تطبع لى اللي تكتبه أنا مليش فى التكنولوجيا
الحديثة، وسبب إني شايل موبايل حفيدتي فاطمة قالتلي يسليك يا جدو في وحدتك، مبعرفش
أشغله غير على القرآن بافتحه الصبح أول ما اشوف جارى المدير العام بطلعته البهية، أفتح
سورة البقرة واطلب من ربنا ينجيني منه.
كنت صياد وسألته:
– مين الشخص ده احكيلي:
– (فى حسرة) ده واحد جمعني بيه السكن مرغم عايش
فى الوهم دماغه لاسعة من كل الجناب، عنده قناعة إننا فى جبلاية قرود، يحط العيش فى
الجزمة لغاية ما يعفن وياكله بمتعة الأناناس، إستخدامه للحمام المشترك يقرف منه الكلب
الجربان، ساعات يقولى هاخد الصابونة بتاعتك استحم بيها، أصرخ واقوله:
– لأه دى استعمال شخصى، هاتلك واحدة بتتباع رخيصة
وارحم اللى جابونى.
– (سرق شلبوكه نظرة لوجهي، لما وجد القرف يعتريني،
أكمل يقول):
– أومال لو حكيت لك اللى بيعمله مع القطة وليفة
القط اللى لازق لها ع السلم.
(لحظة
شغف فضول مني جعلته يسترسل)؛
– صاحبنا ده بيتعامل مع قطة السلم على إنها بنته
وارتكبت الفحشاء مع القط، يتولى تربيتها بأفظع الشتايم أقلها “جتك داء السُل في
لحمك” يا بنت ال….، ملعون أبو أهلك و ….و….، إنفعل وعلا صوته، يا أخى الغريبة
إن القطه تقف قدامه موطيه راسها مكسوفة من عملتها وكأنها انحرفت، شوفت الراجل الخانكة
وانا دماغى واقفة على كارت فنى وتبقى “فورة”.
(قمت
بتهدئته مع ابتسامة منى بلا عنوان ولا معنى)، إلا أنه مكبوت واستمر بقوله منفعلًا:
– لما كان سعادته يستعد للخروج فى الشتا لابد
من جاكيت رِمّة يتقمع بيه هو هو من ساعة ما عرفته من شهور طويلة سودة، يعطينى الجاكت
أقوم بفتح أكمامه عشان يحط دراعاته وانسقه على سيادته ويبص في المرايا 25 مرة قبل ما
يخرج.
(تعاطفت
مع مأساته وحرصى على نفسيته، أخفيت شعورى وسألته):
– ما تيجي نتكلم على رحلاتك البحرية فى الصين؟
(نظر
إلىّ نظرة عتاب وقال):
– أنا عارف انى صدعت دماغك وملكش ذنب، إنت مالك
ومال الرغى بتاعى ده كله، خايف تقول عليا لوكلوك بس انت مؤدب مش هتقولى فى وشى( إبتسامة
بادلته إياها) وقلت:
– خد راحتك يا عم شلبي دماغى كلها بتاعتك هيء
هيأ هيء.
(صمت
لحظة بنظرة ثابتة):
– أوعي تكون بتاخذنى على قد عقلي…
(إنتفضت
مع خوف أن أكون جرحت مشاعره):
– لا والله يا عم شلبي أنا اقصد تغير الموضوع
اللي مضايقك، إنت خلاص بقيت حتة منى ولا أجاملك .. إنت راجل محترم و….
(قاطعني خجلا واطمأن وأكمل):
– إنت عارف الراجل ده بيفكرنى هبلة وبيسرح بيا
وهو بيكلمنى عن تاريخه، كان عنده خمس عربيات مخصص واحدة يشترى بيها السمك من سوق شارع
الروضة عشان ما يزفرش الباقى، يدخل السوق بالعربية جنبه السواق ويشاور للبياع من غير
ما ينزل، يحط له السمك اللى عايزه فى الشنطة ويديله أى مبلغ يطلبه، سألته هو انت كنت
مهرب فى الجمرك؟ قالي بفخر: آه
(لم
أستطع التحمل أكثر من هذا فقلت):
– توعدني
يا شلبو إنك تقولي عن رحلاتك للصين، طبعًا مش دلوقتى لإني فصلت.. ربنا يسامحني (قبلت
رأسه الكريمة، وانسحبت حاملًا معي هموم الحياة عند الكبر).
بقلم الكاتب والروائى/ حسن خلف حسين
![]() |
حسن خلف |