مقالات

النيجر عواصف وأحداث

 

دولة النيجر

تقرير – محمد عبدالرازق

فى البداية
إطلاله على تاريخ النيجر ومدي أهميتها…

دولة
النيجر هي بلد حبيس تقع في غرب أفريقيا وأطلق عليها اسم النيجر نسبة إلى نهر النيجر
الذي يخترق أراضيها. ويحدها من الجنوب نيجيريا وبنين ومن الغرب بوركينا فاسو ومالي
ومن الشمال كلاً من الجزائر وليبيا، فيما تحدها تشاد من جهة الشرق. يبلغ إجمالي مساحة
النيجر حوالي 1,270,000 كم مربع، مما يجعلها أكبر دول في منطقة غرب أفريقيا من حيث
المساحة، كما يبلغ إجمالي عدد السكان قرابة 17,129,076 نسمة (2012). يتركز معظمهم في
أقصى جنوب وغرب البلاد. وعاصمتها هي مدينة نيامي وهي أكبر مدن النيجر التي تقع أغلبها
على الضفة الشرقية لنهر النيجر في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد.

تاريخ التأسيس 1960

تعد
النيجر أحد أفقر دول العالم وأقلها نمواً على الإطلاق؛ إذ تغطي الصحراء الكبرى ما يقرب
من 80% من إجمالي مساحة البلاد، في حين تتهدد الأجزاء الباقية مشكلات مناخية أخرى مثل
الجفاف والتصحر.

ويعتمد
اقتصاد البلاد بشكل شبه كلي على تصدير بعض المنتجات الزراعية والتي يتركز إنتاجها في
الجزء الجنوبي الخصب من البلاد، بالإضافة إلى تصدير بعض المواد الخام ومن أهمها خام
اليورانيوم. وبالرغم من هذا؛ تظل النيجر عاجزة عن النهوض بنفسها اقتصاديا واجتماعيا
نتيجة لموقعها كدولة حبيسة، بالإضافة إلى افتقارها للبنية التحتية المناسبة وتدهور
حالة القطاع الصحي بالبلاد، وكذلك انحسار مستوى التعليم والظروف البيئية.

ويعكس
المجتمع اختلافا واضحا بين فئاته نتيجة الأحداث التاريخية المستقلة التي مرت بها كل
جماعة عرقية وكل منطقة بالبلاد علاوة على حداثة عهدهم كدولة واحدة. حيث كانت النيجر
قديما عبارة عن أطراف مترامية لدول وممالك كبيرة أخرى. ومنذ الاستقلال تعاقبت على النيجر
خمس حكومات بالإضافة إلى ثلاث فترات من الحكم العسكري حتى تم تشريع قانون انتخابي يحكم
اختيار رئيس البلاد عام 1999. ويعد الإسلام هو دين أغلبية السكان في البلاد. ويسكن
الجزء الأكبر من سكان النيجر المناطق النائية من البلاد حيث يفتقرون لفرص الانتظام
في التعليم.

وفي
أواخر القرن التاسع عشر قامت فرنسا بغزو المنطقة وأنهوا تجارة الرقيق هناك. وفي عام
1904 أصبحت النيجر جزءاً من إفريقيا الغربية الفرنسية، لكن قبائل الطوارق ظلت تقاوم
الاحتلال الفرنسي حتى عام 1922 عندما حولت فرنسا البلاد إلى مستعمرة فرنسية.

وفي
عام 1946 أصبحت النيجر واحدة من الأقاليم الفرنسية فيما وراء البحار، ولها مجلسها التشريعي
الخاص بها، ولها تمثيل نيابي في البرلمان الفرنسي.

في
23 يوليو 1956؛ اتخذت السلطات الفرنسية قراراً بإعادة النظر في هيكل مستعمرات ما وراء
البحار الخاضعة للحكم الفرنسي؛ تبعه إعادة تنظيم البرلمان الفرنسي في أوائل 1957 ومن
ثم إصدار قرار بشأن إلغاء التفرقة في الإدلاء بالأصوات داخل البرلمان ومنح ممثلي الأقاليم
الخاضعة تحت الحكم الفرنسي حقوقا مساوية لأعضاء البرلمان فرنسي الجنسية ومن ثم المشاركة
في تشريع القوانين سواء الفرنسية أو تلك المختصة بشؤون أقاليم ما وراء البحار، الأمر
الذي ساعد العديد من الدول الواقعة تحت السيادة الفرنسية على التمتع بشئ من الحكم الذاتي
والقدرة على تكوين نواة لحكومات وطنية تدير شؤون البلاد. وكان للنيجر حظٌ في ذلك؛ حيث
تمتعت بالحكم الذاتي تحت الوصاية الفرنسية بعد قيام الجمهورية الخامسة بفرنسا في 4
ديسمبر 1958 حتى نالت النيجر استقلالها التام في 3 أغسطس 1960.

الحزب الأوحد والحكم العسكري (1961 – 1991)

منذ
اليوم الأول للإستقلال وحتى أربعة عشر عام تلت ذلك؛ خضعت النيجر لحكم مدني أحادي الحزب
تحت رئاسة هاماني ديوري والذي استمر في حكم البلاد حتى عام 1974، حافظ خلالها ديوري
على علاقات وطيدة مع فرنسا والتمس مساعدتها على بداية إنتاج اليورانيوم عام 1971، حتى
عصفت بالبلاد أزمة جفاف شديدة القسوة تزامنت مع العديد من الاتهامات والاعتقالات من
جانب الحكومة تجاه أعضاء المعارضة وحملات مكثفة ضد من وصفتهم الحكومة بالفاسدين، الأمر
الذي أدى إلى قيام انقلاب عسكري بقيادة رئيس الحكومة أن ذاك العقيد ساني كونتشيه حيث
تمت الإطاحة بنظام ديوري واعتلاء كونتشيه سدة الحكم. وظلت النيجر تحت طائلة الحكم العسكري
حتى وفاة كونتشيه عام 1987 وقَّع خلالها على اتفاقية للتعاون المشترك مع فرنسا عام
1977، كما قام بخصخصة جزئية للشركات المملوكة للدولة وذلك نتيجة لوقوع جفاف آخر بالبلاد
وزيادة مديونية الحكومة خاصة أسعار اليورانيوم عالميا.

وخلف
كونتشيه في الحكم رئيس حكومته العقيد: علي سايبو الذي قام بإطلاق سراح المسجونين السياسيين،
وقام بتحرير العديد من القوانين – خاصة السياسية – وقام بإعلان الجمهورية الثانية في
النيجر، وتبنى نظام حكم معتدل أحادي الحزب في محاولة منه للسيطرة على الأمور السياسية
للبلاد. وبالرغم من ذلك لم يتمكن سايبو من إحكام السيطرة على مقاليد السياسة بالبلاد
نتيجة لمطالب المعارضة واضرابات متكررة قام بها الطلاب والعاملين بالقطاع الصناعي للدولة
بإقامة نظام حكم ديموقراطي يقوم على التعددية الحزبية مما أدى إلى رضوخ نظام سايبو
في النهاية لمطالب المعارضة مع نهاية عام 1990.

ومع
بداية عام 1991 ازدهرت الحياة السياسية بالنيجر ونشأت العديد من الأحزاب والجمعيات
الأهلية، الأمر الذي ساعد على إقامة مؤتمر للمصالحة الوطنية في يوليو 1991 تمهيدا لتبني
العديد من التشريعات القانونية التي من شأنها إقامة حياة سياسية جديدة وانتخابات رئاسية
نزيهة. كما أصدر المؤتمر برئاسة أندريه ساليفو قرارا بتجريد سايبو من سلطاته وتعيين
حكومة انتقالية لإدارة شؤون البلاد حتى الانتهاء من الانتخابات الرئاسية.

استمرت
الحكومة الانتقالية في إدارة شؤون البلاد من نوفمبر 1991 وحتى انهيارها في أواخر عام
1992، وسط مشاكل اقتصادية واضطرابات عرقية من جانب الطوارق المطالبين بالاستقلال في
شمال البلاد. وبالرغم من تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد خلال هذه الفترة الانتقالية؛
إلا أن النيجر شهدت تطوراً كبيراً في الكثير من المجالات الحياتية والسياسية والاجتماعية؛
لعل من أهمها النجاح في تشكيل قانون لإعادة هيكلة الهيئات الإدارية للبلاد، وإقامة
انتخابات هادئة حرة ونزيهة، بالإضافة إلى حرية الصحافة؛ الأمر الذي ساعد على صدور العديد
من الصحف المستقلة بالبلاد.

وفي
إبريل 1993 فاز حزب تحالف قوى التغيير (وهو حزب يساري وسطي) بأغلبية مطلقة في انتخابات
المجلس التشريعي، وتم انتخاب ماهامان عثمان، وهو مسلم من قبائل الهوسا، رئيساً للجمهورية
في أول انتخابات ديموقراطية حرة تشهدها البلاد.

وفي
عام 1994 تم توقيع اتفاق سلام مع طوارق الشمال حيث تم منحهم حكماً ذاتياً محدوداً.

وتمتعت
النيجر بحياة سياسية هادئة حتى الانتخابات البرلمانية في يناير 1995 والتي فاز بها
أيضا حزب تحالف قوى التغيير ولكن بنسبة أقل هذه المرة، وظهر جليا خلال تلك الانتخابات
تنازع كلٍ من رئيس الدولة ورئيس الوزراء على إحكام السيطرة على مقاليد السياسة للبلاد؛
مما مكن العقيد إبراهيم باري مناصرة من الإطاحة بالجمهورية الثالثة خلال الانقلاب العسكري
الذي قاده في يناير من عام 1996.

الحكم العسكرى والجمهورية الرابعة

بعد
ستة أشهر من جلوسه على رأس الحكومة الانتقالية للبلاد، عمد العقيد إبراهيم باري للمختصين
بالشئون الداخلية لإنشاء مسودة قرار لإعلان قيام الجمهورية الرابعة للبلاد في مايو
1996. ودعى لانتخابات رئاسية في يوليو من العام نفسه. وخلال سير الاقتراع على منصب
الرئاسة قام باري بحل اللجنة المشرفة على الانتخابات وتعيين لجنة جديدة قامت بإعلان
فوزه فور نهاية الاقتراع وحصول حزبه على نسبة 57% من مقاعد البرلمان في انتخابات شابها
الكثير من التلاعبات والانتهاكات القانونية.

وتولى
العقيد إبراهيم مناصرة رئاسة البلاد، في حين عهد لبخاري حاجي بتشكيل الحكومة ورئاستها
حتى إقالة مناصرة في أواخر عام 1996 وتعيين أحمدو بو بكر رئيسا للحكومة.

وبعدل
فشل باري في إحلال صبغةٍ شرعيةٍ على انقلابه العسكري؛ وكذلك فشله في تبرير العديد من
التساؤلات حول الانتخابات الرئاسية التي نصبته رئيسا للبلاد؛ امتنعت العديد من الدول
الغربية عن مد يد العون للنيجر وبالتالي تم قطع المعونات الوافدة للنيجر من الغرب؛
الأمر الذي دفع باري لانتهاك الحظر التجاري المفروض على ليبيا في ذلك الوقت في محاولة
منه للحصول على المال اللازم لإنعاش النظام الاقتصادي للبلاد. ومع تدهور الحال الاقتصادي
للبلاد؛ تدهورت أيضا سائر جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية بالنيجر؛ حيث قامت الحكومة
بانتهاك العديد من القوانين المدنية، كذلك نظمت السلطات حملات اعتقال منظمة ضد زعماء
المعارضة والصحفيين من خلال مليشيات غير رسمية من أعضاء بالجيش والشرطة قاموا أيضا
بحرق وتدمير العديد من المكاتب الصحفية.

الجمهورية الخامسة (1999 – 2010)

في التاسع
من إبريل عام 1999 أعلن مقتل الرئيس إبراهيم باري خلال الانقلاب العسكري الذي قام به
الرائد داوودا مالام وانكي، الذي قام بتأسيس مجلس حكم عسكري انتقالي أعلن من خلاله
قيام الجمهورية الخامسة بالنيجر على النظام النصف رئاسي الفرنسي.

وفي خلال الاقتراع الوطني لإعلان الجمهورية الخامسة
بالنيجر – والذي أشرف عليه مراقبون دوليون وصفوه بالحيادية والنزاهة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى