فن

“حكايات عم شلبي”.. تأليف حسن خلف حسين

الحلقة السادسة


أقبل مبتسمًا عمو شلبي يتمم نصف روحي الحائرة معه وفيه قائلًا بحنان ولطف:
– المرة دى جايلك أريح قلقك شوية واحكيلك عن بلاد نمنم..
(لمح فى وجهى الغباوة فأكمل):
– نمنم دى الصين يعني، واضح انك لامؤاخذة كاتب على قدك هلبوأه يعني “بِس مِن ومِن”، لم يهتم برد فعلى أو حتى بوجودى أصلًا، روحت هناك تلات موانى أكبرها شنغهاي تخيل يا مؤمن سكانها عددها وقتها 150 مليون بشروش، فيها كل الناس بتجرى على رزقها حتى جوا بيوتها، مفيش حد فيهم تمبال، كنت امشى مع زمايلى عمالقة وسط قصيرين أوزعة والعيال كانت تمشي ورانا كأننا من كوكب بعيد وهبطنا عليهم، عندهم الجمبرى حجمه كبير قوى الناس بتشترى بالواحدة، إحنا بقى خدنا الزمبيل كله والبياع خاف ناخده ونبلطج مندفعش، عشان كده لقينا حوالينا بياعين السوق كلهم مستعدين للحرب، وأول ما شافوا الدولارات انسحبوا من الجبهة، إحنا بناكل بالعبيط هما لأه و….


– (قاطعته).. وروحت موانى إيه تانى فى بلاد نمنم؟

– (إبتسامة وقورة).. أهو كدة انت دخلت معايا فى اللون هههههه، روحت يانج يانج برضه زى شنغهاي نضيفة ومنظمة، بس انت عارف انا اتكيفت أوى من مينا صغيرة زى عزبة البرج عندنا إسمها تقريبًا الناس هناك أكلهم الفقر غلابه أوي. بس يا أخى سبحان الله الغلابة فى كل حتة عندهم نخوة، أنا وصاحبى قعدنا ماشيين وناسيين نفسنا وبعدنا عن المينا أكتر من 3 كيلو، والمواصلات العامة بتقف الساعة خمسة مساءً وقعدنا نلطم إزاى هنرجع يطلع لِنا اتنين صيادين بعجلتين ياخدونا وراهم يوصلونا لغاية المينا، وماسبوناش إلا لما اطمنوا علينا، طلعنالهم فلوس أبدا طب سجاير، رفضوا تمامًا.. شوفت الجدعنه والنخوة !


(سألته): المدينة دى اسمها إيه يا شلبوكة ؟

– أخذ يهرش فى صلعته وقال: مش فاكر قوى تقريبًا جانجاه، بس عايز اقولك الأهم:
– إحدف يا شلبو اللي عندك.
– (بعينين ثابتتين يرمقني ولسان حاله يقول):
(طيب يا ظريف، ياريت تبطل سخافة، وأكمل فيه حاجة عايز اقولك عليها بس ما تفهمنيش غلط، كنا فى كل مينا نقف يطلعوا لنا نسوان يقضوا معانا الأيام والليالى اللى هنقضيها فى المينا، ده رسمى ومعروف وكانوا يتعاملوا بالظبط زى البحارة ياكلوا ويشربوا لغاية ما ينزلوا من على المركب.
(لم أستطع كتمان صرخة حتى أحبسها وانفجر، أصفق بكلتا يديا وصوت عالى قائلا:
– هوبا هوبا يا شلبوكة، قول يا معلم.
نظر إلىّ بهدوء مبتسمًا تحمل معنى سخافتى الغامقة وقال:
– الحمد لله أنا الوحيد اللى كنت أصلى ع المركب لدرجة كانوا الأجانب يقولوا لى لما تنزل بلدك إعمل “مسجد” واقعد فيه، ولما سألنى القبطان اليونانى إنت ليه مبتعملش زينا، رديت عليه: هل فى إنجيلكم ده مُباح؟.. سابني ومشي ومردش، طب انت عارف إن حتى فى مينا اسكندرية لقيت اللى طالع لى يكلمنى باليونانى إن عايز نسوان، لما رديت عليه قولتله جري إيه ياجدع، إتخض وقالي أيووووه وبعد عني و…


(سؤال هرش فى نافوخى):

– كمل يا شلبو باقى الموانى.
– كلها خصوصا أوروبا الإشتراكية الفقرية، يعنى مثلًا تدفع 10 دولار تاخد مرات شاوشيسكو نفسه.
– أقصد الموانى فى مصر.
نظر إلي نظرة لؤم وقال مندفعا بغيرته:
– إلا بورسعيد صدق إللي سماها بلد الرجالة.
إنشرح الصدر منى وهتفت هتاف الملحوس الغيور:
– تعيشى يا ام العربي يا ام الرجالة.

بقلم الكاتب والروائى/ حسن
خلف حسين


حسن خلف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى